السلام عليكم ..
كيف نتعامل مع كائن لغوي يسمى "الفعل" بأقسامه "ماض، مضارع، أمر، " وكائن بشري يسمى "طفل" ببساطته؟
عندما نتحدث عن الطفل فاعلم أنّنا نتحدث عن كائن غير عاقل لا يخضع لمعياري "الذكاء والغباء " وإذا أردنا أن نسمي الأمور بمسمياتها نستطيع أن نصنف الطفل إلى:
" طفل سريع الاستجابة 'متوسط الاستجابة 'بطيء الاستجابة "
وسرعة الاستجابة ليست معيارا للذكاء، فالمعروف عن" إديسون " مثلاً أنه طُرد من المدرسة لغبائه (لا لم يكن أديسون غبياً) هذا ما أثبتته الأيام ..ببساطة أديسون كان بطيء الاستجابه فقط، وقد تعود هذه المشكلة إلى أسباب نفسية أو غيرها (هذا ما يجب أن يدركه كل معلم ومعلمة " الطفل كائن غير عاقل " وعلينا أن نتعامل معه بطريقة نحاكي بها الحواس كركيزة أساسية وصولاً لدماغه الغض.
إنّ تفاوت القدرة على الاستجابة مع الموضوع هو ما نسميه الفروق الفردية .
كيف لنا أن نراعي الفروق الفردية هذه عندما نعلّم الطفل "الأفعال "؟
علينا أولاً أن نصنف الأفعال إلى جوانبها التي تعطيها صفاتها وأشكالها "أعني الجانب المعنوي ،والحرفي،واللّفظي "..
من هنا تصبح الأمور أكثر بساطة وسهولة
ولكن قبل الشروع بتدريس الأفعال من المهم جداً أن يميّز الطفل بين الاسم والفعل صورياً باستخدام "الـ "التعريف والتنوين "كأن نعلمه مثلا هذه القاعدة (الاسم يقبل التنوين و"الـ"التعريف ؛ فالكلمة التي تحتوي على تنوين أو ال ـ التعريف فهي اسم والكلمة التي لا تحتوي الـ التعريف أو تنوين فهي فعل "
عندما يتمكن الطفل من تمييز الفعل من الاسم بهذا الشكل يصبح المجال مفتوحاً لتدريسه الفعل من كل جوانبه وذلك بتمكينه من الاستدلال على الفعل بعدة خطوات تمثل كل خطوة درساً مستقلا .
أولاً: الاستدلال المعنوي.
بعد أن أتاكد من قدرة التلميذ على تمييز الاسم من الفعل صورياً كما قلنا آنفاً ، أقوم بكتابة عدة جمل فعلية على السبورة ويجب أن يتنوع الفاعل مثلاً " كتبَ الطالبُ الوظيفةَ*باضتْ الدجاجةُ *يسيرُ القطار * يهطلُ المطرُ
أقرأ الجمل بصوت عال دون أن يردد معي التلاميذ ، ثم أطلب من التلاميذ قراءة صامتة للجمل ، وبعد دقيقة أو أكثر أقوم بقراءة الجملة الأولى بصوت عال، وأطرح الأسئلة التالية مع التركيز على كلمتي "فعل - الفعل "
-ماذا فعل الطالبُ ؟ -"كتبَ" .
-ما هو الفعل الذي قام به الطالبُ؟ -"الكتابة" .
ثم أتوجه إلى السبورة وأضع دائرة حول الفعل قائلاً : "ها هنا الفعل ."
أطبق العملية على باقي الجمل ، وأخيراً أكتب على السبورة تعريفا بسيطا للفعل مثلاً (الفعل: هو عمل ما يقوم به شخص ما أو شيء ما) ثم أقوم بإعطاء التلاميذ أمثلة شفوية ،ويقوم التلاميذ بتحديد الفعل شفوياً.
انتهى الاستدلال المعنوي
ثانياً :الاستدلال الحرفي .
تُعد هذه الخطوة أهم خطوة في خطوات التمكين ؛ فبها أراعي الفروق الفردية لدى التلاميذ وهي على مرحلتين:
-1- اشتقاق المضارع من الماضي -2- اشتقاق الماضي من المضارع.
ربما من الصعب تدريس الأفعال كل على حدى كأن أدرس الماضي منفرداً عن المضارع أو العكس
-بعد مراجعة سريع لتحديد الفعل معنويّاً أقوم بكتابة كلمة "أنيتُ " أعلى السبورة بخط واضح وأحرف كبيرة الحجم ، ثم أقوم بقراءة الكلمة بصوت عال وأطلب من التلاميذ مساعدتي في تفكيك الكلمة إلى حروف "أ-ن-ي-ت" وبعد الانتهاء من تفكيك الكلمة أوضح للتلاميذ بأن "هذه الأحرف تُسمى أحرف المضارعة وقد أخذت هذا الاسم لأننا نراها دائماً أول الفعل المضارع ولأن المضارع لا يكون مضارعاً إلا بها "
على الرغم من عدم معرفة التلميذ بالفعل الماضي أقوم بكتابة فعل ماض على يمين السبورة ، ثم رسم أربع خطوط مستقيمة على امتداد السبورة كفراغ على النحو التالي.
كتبَ: ــــ، ــــ، ــــ، ــــ
ثم أبدأ بالتحويل من ماض إلى مضارع عن طريق كتابة الفعل كما هو في الماضي مع إدخال حرف المضارعة أوله ، ثم أقلب الفتحة ضمة وأخيراً أقرأ الفعل بصوت عال ، وكذا باقي الفراغات بتسلسل أحرف المضارعة، أعطي التلاميذ مثالاً آخر وأوضح لهم أن التحويل من الماضي الى المضارع يكون بإدخال حرف مضارعة أول الفعل وقلب الفتحة ضمة والأهم قراءة الفعل بشكل صحيح .
هذا هو السلوك المطلوب من الطفل القيام به "لاحظوا أن علاقة المعلم في هذه الخطوة تعتمد على مراسلة الحواس "
-اشتقاق الماضي من المضارع.
بعد مراجعة سريعة للتحويل من الماضي إلى المضارع ، أقوم بكتابة أربعة أفعال مضارعة مختلفة بتسلسل أحرف المضارعة مع رسم خط مستقيم أسفل كل فعل كفراغ ..
-أدرسُ -نكتبُ -يلعبُ -تركض
أوضح للتلاميذ أننا في عملية التحويل من الماضي إلى المضارع قمنا بإضافة حرف مضارعة أول الفعل مع قلب الفتحة ضمة ، وأن العملية عكسية في التحويل من المضارع إلى الماضي " نقوم بحذف حرف المضارعة ونُرجع الضمة فتحة " أقوم بتحويل الأمثلة التي كتبتها على السبورة مع قراءة كل فعل أحوله بصوت عال وأخيراً أعطي التلاميذ أفعالا مضارعة وأطلب منهم تحويلها للماضي ...
انتهى الاستدلال الحرفي
ثالثاً: استدلال لفظي.
باستخدام "لقد و سـ "
بعد أن امتلك الطفل خبرة ولو نسبية بتميير الفعل الماضي عن المضارع ، بقي أن ندرّسه الفعل من الجانب اللّفظي له ، وهذه الخطوة جد بسيطة ..
-أقوم بكتابة جملتين على السبورة تبدأ الأولى بـ "لقد" مع ترك مكان الفعل فارغاً مثال:
-لقد ـــــ أبي إلى السوق
وتبدأ الجملة الثانية بـ "سـ" مع ترك مكان الفعل فارغاً مثال:
ـ سـ ـــــ أبي إلى السوق
أقرأ الجملتين بصوت عال، ثم أوضح للتلاميذ أنه ينبغي علينا أن نضع فعلاً مناسباً في الفراغ لنكوّن جملة مفيدة ذات معنى
بعد أن تأتي الإجابات من التلاميذ على الشكل التالي:
-لقد -ذهبَ - أبي إلى السوق
- سـ -يذهبُ - أبي إلى السوق
أقوم بقراءة الجملتين من جديد ، ثم أطرح الأسئلة التالية على التلاميذ:
1-ما الفعل الذي تلا "لقد" في الجملة الأولى ؟ ذهبَ
أهو ماض أم مضارع؟ ماض
2-ما الفعل الذي تلا "سـ" في الجملة الثانية؟ يذهبُ
أهو ماض أم مضارع؟ مضارع
إذن نستطيع القول "يأتي الفعل ماض بعد لقد ومضارع بعد سـ "
أقوم بتجربة عكس الأفعال أمام التلاميذ "مضارع بعد لقد وماض بعد سـ " ثم أطلب من التلاميذ بيان فيما إذا كان اللفظ صحيحاً ..
وأخيراً أقوم بتبرير" قبول الماضي لقد ورفضه سـ " أن (لقد) تفيد تأكيد الفعل في زمن مضى ،وأن الفعل الماضي حدث وقع وانتهى في زمن سبق حاضرنا الذي نحن فيه ، أما المضارع فقد قبل (سـ) لأنه فعل قابل للحدوث في الزمن القادم وأنه بدون (سـ) هو فعل يحدث في الزمن الحاضر الذي نحن فيه
انتهى الاستدلال اللفظي
رابعاً: فعل الأمر ، وهو الخطوة الأخيرة في تدريس الأفعال
ولكن بأي الاستدلالات أبدأ؟ يفضل بالاستدلال الحرفي لضمان إتقان الطفل كتابة فعل الأمر بشكل صحيح ؛ أقصد أن يستخدم همزة الوصل لا القطع ..
أكتب فعلاً ماضياً على السبورة وأوضح للتلاميذ أن التحويل من الماضي إلى الأمر لا يختلف كثيراً عن التحويل من الماضي إلى المضارع أو العكس ، كل ما ينبغي عليّ القيام به هو إضافة "ألف غير مهموزة " أول الفعل واستبدال الفتحة سكون ..مثال:
كتبَ »» اكتبْ
ثم أقرأ الفعل بصوت عال
وهكذا أضمن عدم الوقوع في الخطأ الإملائي
-تمرين آخر: أقومُ بكتابة جملة فعلية بصيغة الماضي مثال " كتبَ الوظيفةَ " ثم أقول بتحويل الجملة الى صيغة الأمر " اكتبْ الوظيفة " ثم أوضح للتلاميذ أن فعل الأمر هو فعل أطلب من خلاله أحدهم أن يقوم به ، كأن أطلب من أحدكم أن يخرج إلي فأقول له: "اخرجْ " ثم أعطي التلاميذ جمل بصيغة الماضي والمضارع وأطلب منهم تحويلها إلى صيغة الأمر
انتهى فعل الأمر.
في النهاية وبعد أن يتخطى الطفل كل هذه الخطوات في دراسة الأفعال ، يصبح أكثر مرونة وقابلية لاستقبال الصيغ الإعرابية والمصطحات النحوية .
انتهى »»أخوكم :عبد الحميد الجمعة
ً