سِجَّادَةُ الْمَعْنَى
شعر: محمد الدريهمي
أَنَا لَمْ أَكُنْ عِنْدَ الْغِيَابِ رَسُولَا
لِأَذُودَ عَنْ دَمْعٍ بَدَا مَكْبُولَا
الْآَنَ أَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ خَطْوَهُ
أَنْ كُنْتُ فِي الْمَعْنَى الْعَتِيقِ قَتِيلَا
مَا ذَنْبُ قَلْبِيَ أَنْ أَرَاهُ مُعَلَّقًا
بِهَوًى يُفَرِّدُ مَوْعِدًا مَجْهُولَا؟!
فِي عِشْقِهَا الْأَبَدِيِّ صِرْتُ مُعَلَّقًا
لَا أَرْتَوِي غَيْرَ الْعَنَاءِ دَلِيلَا
مَجْهُولَةٌ تِلْكَ الْخُطَا وَأَنِينُهَا
سَاقَ الْفُؤَادَ مُوَثَّقًا مَغْلُولَا
سِجَّادَةُ الْمَعْنَى تَقُولُ لِنَاسِكٍ
أَغْوَيْتَنِي وَبَقِيتَ فِيَّ نَزِيلَا
سِجَّادَةٌ قُدْسِيَّةٌ مَا خَانَهَا
حُرْفٌ تَزَيَّا بِالنَّدَى إِكْلِيلَا
قَلْبِي بِظِلِّ سَمَائِهَا مُتَمَسِّكٌ
لَا يَبْتَغِي مِنْ غَيْرِهَا تَكْحِيلَا
فَإِذَا دَنَا مِنْ أَيْكِهَا كَتَبَتْ لَهُ
أنْ صَارَ عُمْرُكَ عِنْدَنَا مَوْصُولَا
مَا كُنْتُ أُخْطِئُ بُغْيَتِي حِينَ الْتَقَى
قَلْبِي بِقَلْبِكِ فَابْتَدَا التَّأْوِيلَا
اللهُ يَعْصِمُنِي إِذَا مَا جِئْتُهَا
لِأَقُولَ شِعْرًا سَامِقًا مَصْقُولَا
آَيَاتُ وَجْهِكِ يَا جَمِيلَةُ فِي الْلُغَاتِ،
وَسِرُّهَا أَنْ كُنْتُ مِنْكِ عَلِيلَا
فَإِذَا رَضِيتِ بِشَاعِرٍ كُنْتِ الَّتِي
فِي شِعْرِهِ أُمَّ الْلُغَاتِ بَتُولَا
وَالْحَرْفُ مِنْكِ تَقَطَّرَتْ أَطْرَافُهُ
عَسَلًا مُصَفًّى سَائِغًا وَزَلُولَا
أَشْعَلْتُ فِيكِ أَنَامِلِي فَتَبَخَّرَتْ
شِعْرًا يُغَازِلُ فِي الْحَيَاةِ عَذُولَا
مَا كَيْدُ عُذَّالِي كَكَيْدِ مَحَارِمِي
أَبْلَيْتُ فِيهِمْ قَائِلًا وَمَقُولَا
أَحْصَى الْإِلَهُ لُغَاتِهِمْ وَاخْتَارَكِ
لُغَةَ الْقُرَانِ، فَأَوْثَقَ التَّنْزِيلَا
لُغَةٌ تَغَنَّى مِنْ مَحَاسِنِهَا الْأُلَى
نَسَجُوا الْبَيَانَ مُعَتَّقًا وَظَلِيلَا
أُمَّ الْلُغَاتِ، عَلَيْكِ مِنْ تَعْظِيمِهِ
فَإِذَا وَعَاكِ الْغَرْبُ كَانَ زَهُولَا